فضل ومرعوش
المكان : بغداد تاريخ النشر : 2014-02-11 تاريخ الحكاية : 963
ولد في السنة التي ولدت فيها، وهي ذات السنة التي ولد فيها ، سنة ثلاث وثلاثمائة، ولد كان شجاعاً، قوى القلب، صلب العود، إلا أنه كان في أخلاقه شراسة، وكانت إحدى يديه مقطوعة. وهو الذي أحدث استعمال السعاة ليبلغ أخاه أخباره، فغوى الناس في ذلك، وعلموا أبناءهم سعاة، حتى أن من الناس من كان يقطع نيّفاً وثلاثين فرسخاً في يوم واحد. وأعجبه المصارعون والملاكون، وغيرهم من أرباب هذه الصناعات ، وتعلموا السباحة ونحوها، وكانت تضرب الطبول بين يديه ويتصارع الرجال، والكوسان تدق حول سور المكان الذي هو فيه. ورتب للسعاة الجرايات الكثيرة لأنه أراد أن يصل خبره إلى أخيه ركن الدولة سريعاً، فنشأ في أيامه فضل و مرعوش، وفاقا جميع السعاة، وكان الواحد منهم يسير في اليوم الواحد نيفاً وأربعين فرسخا، وكان أحدهما ساعي السنُّة، والآخر ساعي الشيعة. وأنا أعجب من فضل ومرعوش - وهما من سقط الناس وسفلتهم - كيف لهج الناس بهما وبالتعصب لهما حتى صار جميع من في بغداد إما مرعوشياً وإما فضلياً. ولقد اجتاز ابن معروف وهو على قضاء القضاة بباب الطاق فتعلق بعض هؤلاء المجان بلجام بغلته، وقال: أيها القاضي، عرّفنا، أنت مرعوشي أم فضلي، فتحيّر وعرف ما تحت هذه الكلمة من السفه والفتنة، وأن التخلّص بالجواب الرفيق أجدى عليه من العنف والخرق وإظهار السطوة؛ فالتفت إلى الحرّاني - وكان معه وهو من الشهود - فقال: يا أبا القاسم، نحن في محلة من؟ قال: في محلة مرعوش؛ فقال ابن معروف: كذلك نحن - عافاك الله - من أصحاب محلتنا، لا نختار على اختيارهم؛ ولا نتميز فيهم. فقال العيار: امش أيها القاضي في ستر الله؛ مثلك من تعصب للجيران.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق