الاثنين، 16 يونيو 2014

الأول: مشروعية الدولة وغاياتها:


*المحور الأول: مشروعية الدولة وغاياتها:

*إشكال المحور:

إذا سلمنا بأن الدولة "جمع من الناس يخضعون لنفس التشريع ونفس السلطة السياسية"، فما أساس مشروعية الدولة؟ وما الغايات التي تستهدف الدولة تحقيقها؟ بصيغة أخرى، ما الذي يجعل وجود الدولة مشروعا؟ وما الأهداف التي تتوخى إنجازها؟

*مقاربة الإشكال:


1/موقف جون لوك:

يحدد لوك الدولة بانها جماعة من الناس غايتها الحفاظ على الخيرات المدنية وتنميتها. ويقصد بالخيرات المدنية الحياة والحرية وسلامة البدن وامتلاك الخيرات الخارجية(الأرض، النقود، المنقولات...). لذلك يؤكد انه من واجب الحاكم المدني ان يعمل على تأمين المحافظة على هذه الخيرات لصالح أفراد الشعب، بناء على قوانين يخضع لها الجميع بالتساوي. ومن ثم يكون من الضروري ممارسة القمع على كل من ينتهك قوانين الحياة المدنية، وذلك عن طريق تخويفه من العقاب المتمثل في حرمانه من كل أو بعض الخيرات. يقول لوك: "إن الحاكم المدني مسلح بقوة مكونة من القوة المجتمعية لكل الأفراد، من اجل معاقبة من ينتهكون حق الغير". وهذا يعني أن الحاكم المدني مفوض من طرف جميع مواطني الدولة لحماية أمنهم وممتلكاتهم، وزجر كل من تسول له نفسه المس بسلامة حياتهم.
وعل ضوء هذا التصور يظهر أن لوك يقيم مشروعية الدولة على أساس التعاقد، أي اتفاق الناس على تكوين جماعة واحدة تمثل هيئة واحدة، وهذه الهيئة تلتزم بقرار القوة الغالبة أو موافقة الأكثرية، وتتوخى حماية الخيرات لمدني وتنميتها.

2/موقف اسبينوزا:

بموازاة مع موقف جون لوك، ينفي اسبينوزا أن تكون غاية الدولة إرهاب الناس والتسلط عليهم أو إخضاعهم للآخرين. فهو يؤكد أن غاية الدولة تتمثل في تحرير الفرد من الخوف ليعيش في أمان، بحيث يستطيع التمتع بحقه الطبيعي في الحياة والعمل دون إلحاق الضرر بالغير.إذ أن الدولة تتوخى إتاحة الفرصة للأفراد كي تنجز أجسادهم وظائفها في أمان تام، فيكون بمستطاعهم أن يستعملوا عقولهم بحرية، مع ضرورة التخلي عن القيم السلبية كالحقد والخداع والظلم. وبهذا تكون الغاية الحقيقية للدولة هي ضمان الحرية، لا الحرية المنفلتة من كل قيد، وإنما الحرية المحكومة بمبادئ العقل. فإذا تُرك الناس أحرارا ليسلك كل واحد كما يشاء، فإن مصالحهم ستتصادم وينشب بينهم الصراع، ما دامت أحكامهم مختلفة متضاربة. لذلك فإن تأسيس الدولة يقتضي أن يتنازل الفرد لمن يحكم عن حقه في أن يسلك كما يشاء، وليس عن حقه في التفكير والحكم. فله أن يفكر ويصدر الأحكام بحرية تامة إذا اعتمد على العقل، لا الخداع أو الغضب أو الحقد أو الإخلال بالنظام. ويشكل هذا التنازل شرط السلام إلى حد أن اسبينوزا اعتبر أن الفرد الذي يتصرف كما يشاء دون مراعاة لقوانين الدولة، يعد مصدر ضرر بالنسبة للسلطة العليا، على حين أن المواطن الصالح هو من لا يعارض قوانين الدولة اعتمادا على العنف، وإنما على العقل.

*خلاصة المحور:

بناء عل ما سبق، يمكن القول إن الدولة تستمد مشروعيتها من التعاقد بين الأفراد، وهي تتوخى تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على حياة الإنسان وحريته.

    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق