الاثنين، 16 يونيو 2014

فكرة التقدم في التاريخ.

 فكرة التقدم في التاريخ.
إن التاريخ باعتباره سلسلة من الأحداث الماضية، و مجموعة من الخبرات المرتبطة بالحضارات البشرية في تعددها و تنوعها، و هذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن مساره و منطقه.
إشكال المحور: فكيف يتم يتطور التاريخ؟ هل يعرف تقدما أم تكرارا؟ هل هو تقدم محكوم بضرورة أم أنه يسير تحت رحمة الصدفة؟ هل التقدم خطي متصل أم منفصل يتم عبر قفزات؟ هل هناك نهاية للتاريخ أم أن تقدمه لا نهائي؟

1)أطروحة ابن خلدون.
تمثل فلسفة التاريخ الخلدونية و نظريته في العصبية نموذجا للتصور الدوري للتاريخ، الذي تغيب عنه فكرة التقدم و التراكم. لقد استطاع ابن خلدون أن يلتقط المبدأ المفسر للسيرورة التاريخية أو العمران البشري. متمثلا في أهم مظاهره و هي الظاهرة السياسية أو الدولة. إن العصبية هي العامل المفسر لقيام الدول و انهيارها. و العصبية كما الدولة تبدأ بالفتوة ثم القوة فالهرم و الشيخوخة ثم الاندثار. تاركة المجال لعصبية أخرى ستعرف نفس المصير.
2)أطروحة ريمون آرون.
تتضمن فكرة التقدم بالنسبة لآرون حكما معياريا قيميا، ينتقص من صلاحيتها العلمية، مفاذه أن المجتمع اللاحق أفضل من السابق. علاوة على أنه حكم ذو صلاحية قطاعية لا يمكن أن ينسحب على التاريخ برمته. فإذا كنا نعاين في مجالي العلم و التقنية تراكما و تقدما لا سبيل لإنكارهما. لأن طبيعتهما تفرض تقدما يمكن قياسه. فإن إثبات التقدم في مجالات الفن و الدين و السياسة يظل قضية إشكالية. و على العموم فآرون ينظر إلى التاريخ كتقدم نحو الأمام. و ذلك من خلال الاحتفاظ بأنشطة الجيل السابق و تجديدها. إنه تقدم يحكمه النشاط الإنساني المتراكم و المتسم بالطابع العلمي.

3)أطروحة ليبنتز.
يعتبر ليبنتز أن التقدم الإنساني يسير بوثيرة متصلة و بشكل مستمر إلى ما لا نهاية. فهو يسعى في اتجاه بناء حضارة إنسانية راقية، على الرغم من أنه يتميز بعدم قابليته للاكتمال. حيث أن ليبنتز يعبر عن الرأي الذي كان سائدا في القرنين 17 و 18 م. و الذي مفاذه أن البشرية تتطور باتجاه التقدم الدائم. و أن المجتمعات تتحول من حالة البساطة في تنظيماتها إلى حالة أكثر تعقيدا و تمايزا. و لذلك فالبشرية بمثابة إنسان واحد، يبقى على قيد الوجود، و يتعلم باستمرار.

4)أطروحتي هيجل و ماركس.
يرى هيجل في فكرة التقدم حقيقة الصيرورة. فحركة التاريخ هي حركة التحقق التدريجي للحرية و اكتمال الفكرة المطلقة و تحققها النهائي. غير أن كارل ماركس يرفض هذا التصور المثالي للتاريخ، حيث يرى أن تطور التاريخ يخضع لحتمية الصراع الطبقي، و هو صراع من أجل البقاء. فحركة التاريخ عند ماركس حتمية (سيادة الشيوعية) و ترتبط بالأساس المادي للمجتمع، الذي يتجلى في تعاقب أنماط الإنتاج (قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج).

5)أطروحة كلود ليفي ستراوس.
لقد قدم ليفي ستراوس انتقادا حادا لفكرة التقدم. فالقول بها يعني قبول تصنيف و ترتيب يسلم بهيمنة النموذج الغربي، و بكونية تكذبها الأنثروبولوجيا. إن ما يميز التقدم البشري حسب ستراوس هو كونه يتم عبر تحولات و قفزات فجائية. و هذا ما تؤكده المعارف ما قبل التاريخية، و الحفريات. حيث أثبتت وجود أنماط حضارية مختلفة في المكان الواحد. و هكذا فالتطور البشري ليس تراكما تنضاف من خلاله مكتسبات كل مرحلة إلى أخرى،بقدر ما هو جدلي، أي أن التقدم في التاريخ منفصل و غبر مستمر، و يسير بدون اتجاه عبر قفزات و طفرات.
6)استخلاص.
بناء على ما سبق، يمكن القول بأن فكرة التقدم قدمت بصددها تصورات مختلفة. بين من رفضها و قال بالمراوحة، و أن التاريخ يعيد نفسه. و من جعل التقدم خطا متصلا و من جعله منفصلا. و هناك من قال بنهاية التاريخ، كحتمية تقف عندها عجلته ويتوقف عن كل حركة و تطور. و على العموم فإن معالجة إشكالية التقدم، ربما لا تقتضي بالضرورة أن تطور التاريخ له بداية و نهاية، كما أشار إلى ذلك إدوارد هالت كار. فالتاريخ عملية تودع فيها مطالب و أحوال العصور المتعاقبة، و هو يخضع لمجموعة من الانحرافات. فهل للإنسان قدرة على تحديد مسار هذه الانحرافات؟ و هل يمكن الحديث عن فاعلية الإنسان في 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق